تراجع المياه أمام سد دوكان بنسبة 75% يهدد الملايين شمال العراق
تراجع المياه أمام سد دوكان بنسبة 75% يهدد الملايين شمال العراق
فقد سد دوكان، أحد أكبر خزانات المياه في العراق، نحو 75% من مياهه بفعل شحّ المتساقطات والسدود المقامة على الجانب الإيراني من نهر الزاب الصغير، ما أدى إلى أزمة مائية تمسّ ملايين السكان في محافظتي كركوك والسليمانية.
وفق تقرير نشرته "وكالة فرانس برس" السبت، يسجل السد، الذي يقع في شمال العراق ضمن إقليم كردستان، اليوم مخزونًا لا يتعدى 1.6 مليار متر مكعب من أصل طاقته الاستيعابية البالغة سبعة مليارات، بحسب مدير السد كوجر جمال، الذي أكد أن هذه النسبة "هي الأدنى منذ أكثر من عقدين".
وأظهرت صور التُقطت بالأقمار الصناعية ضمن برنامج "سنتينيل-2" تقلص مساحة بحيرة السد بنسبة 56% منذ عام 2019 حتى يونيو 2025.
شح الأمطار وسدود الجوار
يرجع التراجع الحاد في منسوب المياه في العراق إلى عاملين رئيسيين، أولهما التغير المناخي الذي تسبب بتراجع معدل الأمطار في المنطقة إلى نحو 220 ملم فقط هذا الشتاء، مقارنة بـ600 ملم في سنوات الوفرة. أما العامل الثاني، فيتمثل في السدود التي شيدتها إيران على مجرى نهر الزاب الصغير، ما قلل من كميات المياه المتدفقة إلى داخل العراق.
وتندد بغداد مرارًا بما تسميه "سياسات تقليص الحصص المائية" من جانب تركيا وإيران، اللتين تتحكمان بمصادر نهري دجلة والفرات.
مزارعون بين الخسارة والتأقلم
في قرية سرسيان المطلة على بحيرة دوكان، يحاول المزارعون التأقلم مع أزمة نقص المياه، حسين خدر (57 عامًا) فقد موسمه الشتوي من الحنطة بالكامل بسبب الجفاف، متكبداً خسائر قُدرت بنحو 5600 دولار.
يقول خدر: "زرعت 54 دونماً هذا الشتاء، ولم تُثمر بسبب قلة الأمطار.. لا يمكن للأربعة دوانم على ضفة النهر أن تعوض خسارتي". المزارعون يلجؤون الآن إلى محاصيل سريعة النمو مثل الخيار والبطيخ، لكن عوائدها لا تكفي.
تقنين المياه: الواقع الجديد
في محافظة كركوك، التي يسكنها نحو مليوني شخص، تأثرت محطات تنقية المياه بانخفاض الإمدادات من دوكان بنحو 40%، يقول مدير الموارد المائية في المحافظة زكي كريم إن السلطات طبّقت إجراءات "صارمة" في التقنين، مع تقليل ساعات الضخ وملاحقة التوصيلات غير القانونية.
وأوضح كريم أن الأولوية تُعطى لمركز المحافظة على حساب المناطق الريفية، في محاولة لتوزيع النقص بأقل ضرر ممكن.
العراق وجفاف السنين الخمس
يعيش العراق منذ ما لا يقل عن خمس سنوات على وقع جفاف متواصل ودرجات حرارة مرتفعة أثرت في موارد البلاد المائية، ومع تراجع تدفقات نهري دجلة والفرات نتيجة السدود التركية والإيرانية، يعاني البلد من أدنى مستويات خزين مائي منذ 80 عامًا.
يُعد سد دوكان من أبرز منشآت الري وتوليد الكهرباء في شمال البلاد، وتضاؤل منسوبه بهذه الطريقة يمثل جرس إنذار لبلد يعتمد على الأنهار كمصدر شبه وحيد للمياه وسط هشاشة البنية التحتية وخطط التكيف.