السجن 37 شهراً لمحلل سابق في "سي آي إيه" سرّب خططاً ضد إيران
السجن 37 شهراً لمحلل سابق في "سي آي إيه" سرّب خططاً ضد إيران
قضت محكمة فيدرالية أمريكية، اليوم الخميس، بالسجن 37 شهراً بحق محلل استخباراتي سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) بعدما أقرّ بتسريب وثائق استخباراتية عالية السرية تتعلق بخطط عسكرية إسرائيلية لتنفيذ هجوم على إيران، في قضية أثارت قلقاً كبيراً داخل الأجهزة الأمنية الأمريكية والإسرائيلية على حدّ سواء.
وأعلنت وزارة العدل الأمريكية أن المحلل السابق، آصف رحمن البالغ من العمر 34 عاماً، قد اعترف في يناير الماضي أمام المحكمة الفيدرالية في ولاية فرجينيا بالاحتفاظ غير القانوني بمعلومات تتعلق بالدفاع الوطني، ونقلها إلى أطراف غير مصرح لهم، في خرق خطير لقواعد الأمن القومي، وفق وكالة "فرانس برس".
وأكدت الوزارة أن رحمن، الذي التحق بوكالة "سي آي إيه" في عام 2016 وكان يحمل تصريحاً أمنياً بالغ السرية، قام بطباعة وثيقتين تتعلقان بما وصف بأنه "حليف أجنبي للولايات المتحدة وخططه الحركية ضد خصم أجنبي"، في إشارة ضمنية إلى إسرائيل وإيران.
والتقط صوراً للوثيقتين، واستخدم برنامج تعديل صور لإخفاء هوية المصدر الرقمي وإخفاء سجله الإلكتروني، قبل أن يرسلها إلى أطراف غير مخولين بالاطلاع عليها، ومن ثم مزّق النسخ الورقية في مكان عمله.
تأجيل الضربة الإسرائيلية
اتهم الملف القضائي رحمن بتسريب الوثيقتين عبر تطبيق "تلغرام"، حيث ظهرتا على قناة تحمل اسم "Middle East Spectator".
وتضمنت الوثيقتان معلومات عن تدريبات جوية إسرائيلية وتحركات أسلحة داخل أحد المطارات الإسرائيلية، مما كشف عن الاستعدادات الميدانية لضربة محتملة ضد أهداف إيرانية.
وعلى الرغم من أن الوثيقتين لم تتضمنا تحديداً مباشراً للأهداف، فإن التسريب أدى، بحسب ما نقلته صحيفة واشنطن بوست، إلى تأجيل إسرائيل لضربتها الانتقامية ضد إيران خشية تسرب الخطط وتعرض الجنود أو المعدات للخطر.
وتشير الوثائق إلى أن التسريب حصل في 17 أكتوبر 2023، أي بعد أسبوعين من الهجوم البالستي الإيراني على إسرائيل، والذي تم تنفيذه رداً على مقتل قيادات من حركة "حماس" و"حزب الله" في هجمات إسرائيلية.
وشنت طهران وقتها أكثر من 200 صاروخ باليستي، في تصعيد غير مسبوق للتوتر الإقليمي، وفي نهاية الشهر ذاته، ردت إسرائيل بضربات على أهداف عسكرية إيرانية، في وقت كانت فيه الاستعدادات العسكرية على أشدها.
توقيف في كمبوديا
أوقف مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) آصف رحمن في كمبوديا خلال نوفمبر 2023، بعد أن اكتشفت التحقيقات الأمنية أدلة على اختراق أمني خطير يتورط فيه موظف مخضرم يتمتع بصلاحيات واسعة داخل الوكالة.
وتم ترحيله إلى الولايات المتحدة ليواجه التهم الموجهة إليه. وكان يواجه حكماً محتملاً بالسجن يصل إلى 20 عاماً، قبل أن يتم الاتفاق على صفقة إقرار بالذنب أدت إلى الحكم عليه بالسجن لـ37 شهراً فقط.
ووصف مسؤولون في وزارة العدل الحادثة بأنها "خيانة خطيرة للأمانة"، معتبرين أن الكشف عن المعلومات الحساسة لا يهدد فقط أمن الولايات المتحدة بل يضع حياة حلفائها في خطر مباشر.
وأكدوا أن هذه القضية تُظهر الحاجة إلى تعزيز إجراءات حماية المعلومات الحساسة داخل المؤسسات الأمنية.
أبعاد استخباراتية وسياسية
يثير هذا التسريب تساؤلات حول مدى التأثير المحتمل للأخطاء البشرية داخل المؤسسات الاستخباراتية الأمريكية، خاصة في ظل التصعيد المتواصل بين إسرائيل وإيران، حيث تُعد مسألة توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران أحد الملفات الأشد حساسية إقليمياً ودولياً.
ويعكس الحادث هشاشة بعض الجوانب الأمنية حتى داخل أجهزة يفترض أنها مؤمنة على أعلى مستوى، ويعيد النقاش حول كيفية التعامل مع الموظفين السابقين في الأجهزة الأمنية الذين يمتلكون معلومات قد تُستخدم لاحقاً خارج إطار القنوات القانونية.