غوتيريش لمجلس الأمن: حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل بات مهدداً بالاختفاء
غوتيريش لمجلس الأمن: حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل بات مهدداً بالاختفاء
حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل بات مهدداً بالاختفاء، مشيراً إلى أن الالتزام السياسي بهذا المسار أصبح أكثر بعداً من أي وقت مضى.
وجاءت تصريحات غوتيريش خلال جلسة وزارية عقدها مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، برئاسة وزير خارجية فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس هذا الشهر، لمناقشة تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، بما فيها القضية الفلسطينية، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
تقلبات وعنف
أوضح غوتيريش أن المنطقة تشهد تحولات جوهرية تتسم بالعنف والتقلب، لكنها تحمل في طياتها أيضاً فرصاً وإمكانات.
وأكد أن شعوب المنطقة تطالب بمستقبل أفضل، يستحقونه بعيداً عن الصراعات والمعاناة المستمرة، مشدداً على ضرورة تحرك جماعي لتلبية هذه التطلعات وتحقيق العدالة والكرامة والحقوق والأمن والسلام الدائم.
لفت الأمين العام إلى أن الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق تاريخي، مشدداً على أن تحقيق سلام حقيقي ومستدام في المنطقة يتوقف على التوصل إلى حل الدولتين، وهو المبدأ الذي كرره مجلس الأمن الدولي على مدى عقود، والذي يدعو إلى تعايش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب بسلام وأمن، على أن تكون القدس عاصمة للدولتين.
نقطة اللاعودة تقترب
قال غوتيريش إن حل الدولتين يقترب من نقطة اللاعودة، محذراً من أن حقوق كل من الفلسطينيين والإسرائيليين في العيش بسلام وأمن قد تقوضت، وأن تطلعات الفلسطينيين الوطنية المشروعة أُهملت، في حين تواصل إسرائيل احتلالها الذي وصفته محكمة العدل الدولية بأنه غير قانوني.
وشدد على أن العالم لا يمكنه الوقوف مكتوف الأيدي، في حين يتلاشى هذا الحل، داعياً القادة السياسيين إلى الاختيار بين الصمت أو الإذعان أو التحرك الفعلي.
وجه الأمين العام نداءً عاجلاً للدول الأعضاء باتخاذ إجراءات لا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتين، مطالباً بعدم السماح للمتطرفين من أي طرف بتقويض ما تبقى من فرص السلام.
ولفت إلى أن المؤتمر رفيع المستوى المقرر عقده في يونيو المقبل برئاسة مشتركة بين فرنسا والسعودية يمثل فرصة لإحياء الدعم الدولي للحل.
الوضع في غزة والضفة
أشار غوتيريش إلى أن الوضع في غزة والضفة الغربية ازداد تدهوراً منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر، محذراً من استمرار القتل والمعاناة في غزة دون نهاية تلوح في الأفق.
وبيّن أن وقف إطلاق النار السابق أتاح الإفراج عن رهائن وتقديم مساعدات إنسانية، إلا أن انهياره في 18 مارس أعاد التصعيد، حيث قُتل نحو ألفي فلسطيني، بينهم نساء وأطفال وصحفيون وعاملون إنسانيون، نتيجة الغارات الإسرائيلية.
ووصف الأمين العام الوضع الإنساني في غزة بأنه "انتقل من سيء إلى الأسوأ إلى ما لا يمكن تصوره"، مؤكداً أن إسرائيل منعت، منذ نحو شهرين، إدخال الغذاء والوقود والأدوية، ما حرم أكثر من مليوني شخص من المساعدات الحيوية، وأبدى قلقه من تصريحات إسرائيلية حول استخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط عسكري، مشدداً على أن "المساعدات غير قابلة للتفاوض".
وقال الأمين العام إن الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، تشهد تصعيداً من خلال عمليات عسكرية واستخدام أسلحة ثقيلة في المناطق السكنية، إلى جانب التهجير القسري وهدم المنازل وتوسيع المستوطنات، ما يؤدي إلى تغيير كبير في الواقع الديموغرافي والجغرافي.
التزامات قانونية
تطرق غوتيريش إلى المداولات القانونية الجارية في محكمة العدل الدولية حول التزامات إسرائيل كقوة احتلال وعضو في الأمم المتحدة، مؤكداً أن المستشارة القانونية للأمم المتحدة قدمت بياناً باسمه في فبراير، وتحدثت أمام المحكمة مؤخراً.
وشدد على ضرورة امتثال كافة الأطراف للقانون الدولي، بما في ذلك قوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني.
وأكد التزام إسرائيل كقوة احتلال بتوفير الغذاء والرعاية الصحية للسكان، واحترام العاملين في المجال الإنساني والطبي وموظفي الأمم المتحدة، خاصة في ما يتعلق بالحصانات والامتيازات الأممية، بما يشمل مقرات الأونروا.
قلق من الوضع في لبنان وسوريا
وفي ما يخص لبنان، أكد غوتيريش أهمية احترام وقف إطلاق النار وسلامة الأراضي، وتنفيذ الالتزامات الدولية، أما في سوريا، فشدد على أهمية دعم انتقال سياسي شامل يحقق المساءلة ويعزز المصالحة الوطنية، ويشكل أساساً لتعافي البلاد واندماجها في المجتمع الدولي على المدى الطويل.
لطالما اعتُبر حل الدولتين حجر الأساس في جهود المجتمع الدولي لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن التصعيد العسكري، والاستيطان المتواصل، والانقسام السياسي الداخلي في كلا الجانبين، جعل تحقيقه أكثر تعقيداً.
كما أن الإغلاق المستمر لقطاع غزة والانتهاكات في الضفة الغربية أدى إلى تفاقم معاناة المدنيين، وفي ظل غياب عملية سلام فعلية، تحذر الأمم المتحدة من اقتراب انهيار كامل لمسار الدولتين، ما قد يفتح أبواباً لأزمات جديدة على مستوى الإقليم والعالم.